كيف استغلّت شبكات الإعلام "الإعلام الإجتماعي" لرصد عن ما يجري في مصر

واحدة من آخر ابداعات موقع 9Minute Posters 

مع التصاعد الكبير الذي شهدته الأحداث على السّاحة المصريّة ما كان للحكومة إلاّ اللّجوء لحجب مواقع التواصل الإجتماعي نظرا للدور الذي لعبته في تحريك الملايين للإعتصام و التظاهر في موجة غضب لم تسبق و أن شهدتها مصر منذ عقود. الأمر لم يقتصر على هذه الإجراءات فقط بل أخذ منحى أكثر تعقيدا بعد القرار التي اتّخذته الحكومة المصريّة بإغلاق عدد من مكاتب التلفزيونات العربيّة و على رأسها مكتب قناة الجزيرة الإخباريّة لتصل درجة التضييق على حرّيات الصحافة و الصّحفيّين إلى مستوى عطّل حركة الإعلام و خلق لغط في الوسط الإعلامي تجاه توافر المعلومات و في بعض الأحيان مدى صحّتها. مع شح الأخبار و إيمانا برسالة الإعلام لتوصيل كلمة الشارع بموضوعيّة و رصد الأحداث بكل مصداقيّة ما كان للصحفيين إلاّ توظيف وسائل الإعلام الإجتماعي لإستكمال مسيرتهم الشائكة.

ما سهّل مهمّتهم كان توافر اتّصال مباشر مع الأقمار الصناعيّة المستقلّة تماما عن الأقمار المصريّة الفارضة لحجب تام لوسائل الإتّصالات. فأصبح الهاتف النّقاّل الداعم لتطبيقات وسائل الإتّصال الإجتماعي مثل توتر و فايس بوك الوسيلة الجديدة للتغطية الإعلاميّة الرقميّة. مع هذا التطوّر جاء جمهور جديد من القرّاء و الممتتبّعين أغلبهم من الشباب المستخدم لتكنلوجيا المعلومات و الوسائل الرقميّة. 

بالبداية اقتصر الأمر على التغطية الظاهريّة من قبل الصحفيّين و شبكات الإعلام لينتهي المطاف بخلق جيل جديد من المواطنين الصحفيّين الآخذين على عاتقهم مهمّة كسر القيود و ابلاغ العالم بكل ما يحصل من أحداث و مخالفات في الشارع المصري. و في بعض الأحيان تكاتفت جهود الأفراد مع الجماعات لتوفير خدمات لم يسبق للشرق الأوسط التعامل معها من قبل مثل خدمة (Speak2Tweet) التي طوّرت من قبل شركة جوجول لإيصال نداءات المصريّين للعالم الخارجي. 

الحديث يطول عند التطرّق للوسائل المستخدمة. الأهم من ذلك برأيي هو إلقاء نظرة سريعة على الوسائل المستخدمة من قبل الإعلاميّين لعلّنا نتعلّم منهم أن الإعلام لم يعد يقتصر فقط على الوسائل التقليديّة لإيصال الخبر و أن الحواجز المفروضة من قبل الحكومات لتقييد الخبر باتت شيئ من الماضي. اليوم كلّنا صحفييّن و كلّنا صناّع أخبار قادرة على تحريك جماهير و زعزعة كيانات.

اليكم بعض من التجارب الفريدة  المقتبسة عن ما جاء في مقال نشر مؤخّرا على موقع ماشابل.

التغطية على موقع التغريد توتر (Twitter):

مهّدت الإنتخابات الإيرانيّة الأخيرة الطريق لتوظيف أكبر لوسائل الإعلام الإجتماعي الرقميّة و من أهمّها موقع التغريد توتر ليصبح اليوم واحد من أهم المراجع الصحفيّة الراصدة لوضع الشارع العربي. فصارت المشاركات المؤلّفة من مئة و أربعون حرفا المصدر الأحدث في عالم الإعلام و لم يكن غريبا بأن لجأت كبرى الشبكات الإعلاميّة العربيّة و الأجنبيّة مثل الجزيرة الإنجليزيّة و سي أن أن  و النيويورك تايمز لاستخدامها بعض الضغوطات التي تعرّضة لها من قبل السلطات المصريّة. 


واحد من أهم المذيعين الذين استغلّوا خدمات هذا الموقع كان ولا يزال مراسل قناة الجزيرة الإنجليزيّة أيمن محي الدين الذي شارك الملايين مستجدّات و آخر تطوّرات الشارع المصري.

واحدة من آخر تويتات أيمن محي الدين

الفيس بوك:

بعض من الصّحفيّين أمثال مراسل النيويورك تايمز نيكولاس كريستوف لم يكتفوا بموقع التغريد كوسيلتهم الوحيدة بل لجأوا لجعل صفحاتهم على الفيس بوك منبرا لنشر آخر قصصهم و تغطيتهم الإخباريّة. فكتبوا و علّقوا و ناقشوا الأخبار مع القرّاء. و قصصهم ام تقتصر على تغطية المظاهرات بشكل حصري بل تنوّعت لتشمل ردود أفعالهم و توضيح مواقفهم ممّا يحصل.

صفحة نيكولاس كريستوف على موقع فايس بوك

اليوتيوب و البحث الحي:

مع زيادة التضييق الحكومي على شبكات الأخبار و بعد إغلاق مكاتب الجزيرة الإخباريّة, بات واضحا أن الحل الوحيد لإستكمال التغطية هو اللجوء إلى مواقع الشبكة العنكبوتيّة. واحد من أبرز تلك المواقع كان ولا يزال اليوتيوب الذي وفّر للعديد من القنوات الإخباريّة و الأفراد فرصة تحميل ما لديهم من أخبار و نشرها للعلن. فصفحة قناة الجزيرة  و غيرها من الصفحات مثل صفحة روسيا اليوم لم تتوقّف قط عن نشر الفيديوهات المنتجة من قبل القنات أو حتّى المرسلة لها من قبل مواطنين مسؤوليين.

المدوّنات الحيّة:

البعض الآخر من شبكات التلفزة و الصحافة المكتوبة باشرت باطلاق مدوّنات حيّة خاصّة بالوضع المصري الرّاهن لتكون جامعة لكل ما هو موجود على الشبكة من أخبار متعلّقة بمصر. فمدوّنة الواشنطن بوست الحيّة جمعت كل ما هنالك من رسائل توترة و مشاركات على الفيس بوك و حتّى فيديوهات على اليوتيوب لخلق غرفة أخبار متكاملة و متجدّدة لحظة بلحظة.

بعض من المدوّنات الحيّة ذات التغطية المميّزة: النيويورك تايمز, الس أن أن , الجزيرة الإخياريّة, البي بي سي, الجارديان, و الهافنتون بوست.

موقع تمبلر:

التغطية لم تقتصر فقط على المواقع الأكثر استخداما عربيّا و لكن طالت مواقع مثل تمبلر (tumblr) التي استغلّت بعض من التحديثات مثل خاصّيّة الصفحات. فبادر موقع تمبلر الذي دمج تلك الإضافة كواحدة من وظائفه المتعدّدة بإنشاء صفحة اخباريّة تعنى بكل ما هو جديد مصريّا. مصدر معلومات الصفحة ينبع من مساهمات مدوّنين و صحفيّين و شبكات اخباريّة مثل الأتلانتك ليوفّر لمتتبّعينها كل جديد من المقالات, الصور و الفيديوهات.

لقطة للصفحة الإخباريّة لموقع تمبلر

التغطية الصوتيّة عبر موقع أوديوبوو (AudioBoo):

يأكّد هذا الموقع على أهمّية الهاتف النّقّال كواحد من أكثر الوسائل فعاليّة لرصد الأخبار. كل ما على المستخدم فعله هو تسجيل رسالة عبر الهاتف النّقال ليقوم الموقع بدوره بنشرها ظاهريّا مع خيارات ربطها بموقع معيّن أو صورة أو فيديو ما. هذا ما فعله مراسلين قناة الجزيرة فور احتجازهم و الإعتداء عليهم من قبل السلطات المصريّة  لاحقا لتغطية تطوّلر الأحداث في ميدان التحرير. 

واحدة من الرسائل الصوتيّة لقناة الجزيرة على موقع تمبلر